الإمارات العربية المتحدة: هوية بدوية أم تنوع عرقي؟
يدعو بعض المثقفين في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى اعتماد رواية
أكثر شمولية لتاريخ الدولة. ويقول هؤلاء إن الإمارات العربية الخليجية دأبت
على التركيز على الإرث البدوي العربي، وإنها تهمل وتتجاهل في كثير من
الأحيان مساهمة الجاليات غير العربية في تطور الإمارات وبنائها، سواء كانت
هذه الجاليات فارسية أم بلوشية أم افريقية أم هندية.
ففي دولة الإمارات على سبيل المثال، تتعمد الرواية المعتمدة رسميا والمعادية لإيران تجاهل أهمية الدور الذي لعبه الإيرانيون - والمواطنون الإماراتيون ذوو الأصول الإيرانية - في الحياة الثقافية والاقتصادية والفنية في البلاد.
بدون شك، كانت تغطية وسائل الاعلام العربية في الفترة الأخيرة لمسألة الهوية القومية متأثرة إلى حد بالنزعة القومية العربية والفارسية، والصراع السعودي الايراني الذي تلا الثورة الاسلامية في إيران عام 1979، إضافة الى كتابات المفكرين العرب في العصور الوسطى والانقسام السني الشيعي وانبثاق الدول القومية.
ليس هناك في الإعلام العربي إلا إشارات قليلة إلى التاريخ المشترك بين الأمتين العربية والفارسية، ولكن في وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية، وخصوصا في ردود الفعل على أحداث بعينها، يمكن الكشف عن المزيد عن هذا التاريخ المشترك.
فعلى سبيل المثال، تسبب الخلاف حول الجزر الواقعة في مضيق هرمز، التي تسيطر عليها ايران وتدعي الامارات ملكيتها، في ارتفاع حاد في شدة الخطاب في تشرين الأول / أكتوبر 2017، عندما عُينت سارة الأميري ذات الأصول الإيرانية وزير دولة للعلوم المتقدمة في دولة الإمارات.
وفي محاولة واضحة للتشكيك في ولاء سارة الأميري لدولة الإمارات، ركز حساب إماراتي على تويتر على أصولها العرقية وأشار إلى إحتفاء الإعلام الإيراني بتعيينها. وجاء في تغريدة نشرت عبر ذلك الحساب: "كيف يسعنا تحرير الجزر التي تحتلها إيران وتعيين سارة الأميري وزيرة للعلوم المتقدمة؟ هل عجزت بلادنا في العثور على بديل لها من مواطنينا؟".
وكانت آراء مماثلة قد انتشرت في عام 2009 على شكل رسائل نصية تلت تعيين ثلاثة وزراء من ذوي الأصول الإيرانية منهم أنور قرقاش الذي ما زال يشغل منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية.
يذكر أن التمييز ضد الإماراتيين من ذوي الاصول الايرانية - والذين يطلق عليهم لقب "العجم" - ما زال منتشرا على نطاق واسع في دولة الإمارات.
وشهدت دولة الإمارات مبادرات عدة تهدف إلى التصدي لهذا التمييز. فقد شجعت المنابر الإلكترونية النسوية الإماراتية المواطنين على تجاوز هذا التمييز وتزويج بناتهم للأعاجم. ولكن الضغوط الهادفة إلى التأقلم مع النظرة العامة والرسمية حول الدين والخلفية القومية ما زالت واضحة في وصف هذه المنابر للعجم على أنهم عرب سنة.
وتحتوي منابر إلكترونية أخرى على كتيبات تدل قراءها على كيفية التعرف على العجم من طريقة تحدثهم وشكلهم الخارجي، مؤكدة على أن العجم يحرصون على إخفاء أصولهم.
إن التهجم على الأصول الإيرانية المزعومة لخصم سياسي ما تعد ممارسة مألوفة في الاعلام العربي الخليجي. ففي مقابلة تلفزيونية أجريت في حزيران / يونيو 2016، أكد حاكم إمارة الشارقة، سلطان بن محمد القاسمي، على "الأصول الإيرانية" للقبيلة التي ينتمي اليها رئيس اليمن السابق علي عبدالله صالح ليس لشيء الا للتركيز على "التواصل التاريخي" لتحالف صالح مع ايران ضد دولة الإمارات.
مصدر هذا الرواية هو أحد شيوخ قبيلة القواسم التي تحكم أيضا إمارة رأس الخيمة الإماراتية. ففي الفترة الواقعة ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وبفضل تحالف هذه القبيلة مع قائد للبحرية الفارسية،تمكنت من السيطرة أيضا على ميناء بندر لينغه الواقع على البر الإيراني والذي كان يتميز بتنوع ديني ولغوي وأثني.
هل تظل الإمارات الوجهة المفضلة للباحثين عن الدخل المرتفع؟
وكان نفوذ القواسم قد تعاظم نتيجة للنشاط التجاري المتنامي بين ضفتي الخليج. ولكن، ورغم هذا التاريخ الثري، ما زال البحث في إرث الروابط الحضارية والاقتصادية بين العرب والفرس موضوعاً محظوراً في الإعلام العربي الخليجي.
وفي الضفة الأخرى من الخليج، الضفة الإيرانية، ما زال الإعلام الإيراني الناطق بالعربية يهاجم أعداء ايران في دولة الإمارات عبر التركيز على أصولهم الفارسية وخصوصا إذا اعتمد هؤلاء خطابا عربيا مشبعا بالروح القومية.
ولكن وسائل الإعلام هذه نفسها تؤكد في الوقت ذاته على عروبة حلفاء إيران الإقليميين - الذين يصفهم الإعلام العربي الخليجي بالفرس.
تتوافق هذه التغطية الإعلامية مع الخطاب الديني السائد في إيران اليوم، والذي يقلل من أهمية الإختلافات الإثنية والعرقية. ولكن المشاعر القومية الفارسية ما زالت تلعب دوراً مهما في الخطاب الإعلامي السائد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
كما يعد موضوع منح الجنسية الإماراتية موضوع خلاف في الإعلام العربي الخليجي.
فالقوميون العرب يطالبون بمنح الإيرانيين العرب من سكان الأحواز والمقيمين في دولة الإمارات الجنسية الإماراتية، ويقولون بضرورة أن يمنح هؤلاء أفضلية على الإيرانيين الفرس المقيمين في البلاد. يذكر أن سكان الأحواز - أو خوزستان - يشتكون من تمييز يمارس ضدهم في إيران.
ففي مقابلة تلفزيونية أجريت معه في أيار / مايو 2012، ادعى محمود الأحوازي، أحد قادة الجبهة الشعبية الديمقراطية لعرب الأحواز، بأن غالبية الإيرانيين الذي منحوا الجنسية الإماراتية هم من الفرس.
وبموجب المادة 17 من قانون الجنسية وجوازات السفر الذي دخل حيز التنفيذ في دولة الإمارات عام 1972 منحت الجنسية الإماراتية للايرانيين الذين كانوا يقيمون في الامارات المتصالحة (التي كانت واقعة تحت الحماية البريطانية) قبل عام 1925 أو قبل استقلال دولة الإمارات في عام 1971.
ولكن الإيرانيين الذين توافدوا على الإمارات من المدن الإيرانية الكبرى إبان فورة النفط التي شهدتها دبي لم يتمكنوا من الاستفادة من شروط منح الجنسية التي توقفت بشكل نهائي تقريبا. وعمّق ذلك شقة الخلافات بين الوافدين الإيرانيين - الذين يبلغ تعدادهم اليوم نحو نصف مليون نسمة - من جهة، والمواطنين الإماراتيين من ذوي الأصول الإيرانية من جهة أخرى.
ففي دولة الإمارات على سبيل المثال، تتعمد الرواية المعتمدة رسميا والمعادية لإيران تجاهل أهمية الدور الذي لعبه الإيرانيون - والمواطنون الإماراتيون ذوو الأصول الإيرانية - في الحياة الثقافية والاقتصادية والفنية في البلاد.
بدون شك، كانت تغطية وسائل الاعلام العربية في الفترة الأخيرة لمسألة الهوية القومية متأثرة إلى حد بالنزعة القومية العربية والفارسية، والصراع السعودي الايراني الذي تلا الثورة الاسلامية في إيران عام 1979، إضافة الى كتابات المفكرين العرب في العصور الوسطى والانقسام السني الشيعي وانبثاق الدول القومية.
ليس هناك في الإعلام العربي إلا إشارات قليلة إلى التاريخ المشترك بين الأمتين العربية والفارسية، ولكن في وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية، وخصوصا في ردود الفعل على أحداث بعينها، يمكن الكشف عن المزيد عن هذا التاريخ المشترك.
فعلى سبيل المثال، تسبب الخلاف حول الجزر الواقعة في مضيق هرمز، التي تسيطر عليها ايران وتدعي الامارات ملكيتها، في ارتفاع حاد في شدة الخطاب في تشرين الأول / أكتوبر 2017، عندما عُينت سارة الأميري ذات الأصول الإيرانية وزير دولة للعلوم المتقدمة في دولة الإمارات.
وفي محاولة واضحة للتشكيك في ولاء سارة الأميري لدولة الإمارات، ركز حساب إماراتي على تويتر على أصولها العرقية وأشار إلى إحتفاء الإعلام الإيراني بتعيينها. وجاء في تغريدة نشرت عبر ذلك الحساب: "كيف يسعنا تحرير الجزر التي تحتلها إيران وتعيين سارة الأميري وزيرة للعلوم المتقدمة؟ هل عجزت بلادنا في العثور على بديل لها من مواطنينا؟".
وكانت آراء مماثلة قد انتشرت في عام 2009 على شكل رسائل نصية تلت تعيين ثلاثة وزراء من ذوي الأصول الإيرانية منهم أنور قرقاش الذي ما زال يشغل منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية.
يذكر أن التمييز ضد الإماراتيين من ذوي الاصول الايرانية - والذين يطلق عليهم لقب "العجم" - ما زال منتشرا على نطاق واسع في دولة الإمارات.
وشهدت دولة الإمارات مبادرات عدة تهدف إلى التصدي لهذا التمييز. فقد شجعت المنابر الإلكترونية النسوية الإماراتية المواطنين على تجاوز هذا التمييز وتزويج بناتهم للأعاجم. ولكن الضغوط الهادفة إلى التأقلم مع النظرة العامة والرسمية حول الدين والخلفية القومية ما زالت واضحة في وصف هذه المنابر للعجم على أنهم عرب سنة.
وتحتوي منابر إلكترونية أخرى على كتيبات تدل قراءها على كيفية التعرف على العجم من طريقة تحدثهم وشكلهم الخارجي، مؤكدة على أن العجم يحرصون على إخفاء أصولهم.
إن التهجم على الأصول الإيرانية المزعومة لخصم سياسي ما تعد ممارسة مألوفة في الاعلام العربي الخليجي. ففي مقابلة تلفزيونية أجريت في حزيران / يونيو 2016، أكد حاكم إمارة الشارقة، سلطان بن محمد القاسمي، على "الأصول الإيرانية" للقبيلة التي ينتمي اليها رئيس اليمن السابق علي عبدالله صالح ليس لشيء الا للتركيز على "التواصل التاريخي" لتحالف صالح مع ايران ضد دولة الإمارات.
مصدر هذا الرواية هو أحد شيوخ قبيلة القواسم التي تحكم أيضا إمارة رأس الخيمة الإماراتية. ففي الفترة الواقعة ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وبفضل تحالف هذه القبيلة مع قائد للبحرية الفارسية،تمكنت من السيطرة أيضا على ميناء بندر لينغه الواقع على البر الإيراني والذي كان يتميز بتنوع ديني ولغوي وأثني.
هل تظل الإمارات الوجهة المفضلة للباحثين عن الدخل المرتفع؟
وكان نفوذ القواسم قد تعاظم نتيجة للنشاط التجاري المتنامي بين ضفتي الخليج. ولكن، ورغم هذا التاريخ الثري، ما زال البحث في إرث الروابط الحضارية والاقتصادية بين العرب والفرس موضوعاً محظوراً في الإعلام العربي الخليجي.
وفي الضفة الأخرى من الخليج، الضفة الإيرانية، ما زال الإعلام الإيراني الناطق بالعربية يهاجم أعداء ايران في دولة الإمارات عبر التركيز على أصولهم الفارسية وخصوصا إذا اعتمد هؤلاء خطابا عربيا مشبعا بالروح القومية.
ولكن وسائل الإعلام هذه نفسها تؤكد في الوقت ذاته على عروبة حلفاء إيران الإقليميين - الذين يصفهم الإعلام العربي الخليجي بالفرس.
تتوافق هذه التغطية الإعلامية مع الخطاب الديني السائد في إيران اليوم، والذي يقلل من أهمية الإختلافات الإثنية والعرقية. ولكن المشاعر القومية الفارسية ما زالت تلعب دوراً مهما في الخطاب الإعلامي السائد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
كما يعد موضوع منح الجنسية الإماراتية موضوع خلاف في الإعلام العربي الخليجي.
فالقوميون العرب يطالبون بمنح الإيرانيين العرب من سكان الأحواز والمقيمين في دولة الإمارات الجنسية الإماراتية، ويقولون بضرورة أن يمنح هؤلاء أفضلية على الإيرانيين الفرس المقيمين في البلاد. يذكر أن سكان الأحواز - أو خوزستان - يشتكون من تمييز يمارس ضدهم في إيران.
ففي مقابلة تلفزيونية أجريت معه في أيار / مايو 2012، ادعى محمود الأحوازي، أحد قادة الجبهة الشعبية الديمقراطية لعرب الأحواز، بأن غالبية الإيرانيين الذي منحوا الجنسية الإماراتية هم من الفرس.
وبموجب المادة 17 من قانون الجنسية وجوازات السفر الذي دخل حيز التنفيذ في دولة الإمارات عام 1972 منحت الجنسية الإماراتية للايرانيين الذين كانوا يقيمون في الامارات المتصالحة (التي كانت واقعة تحت الحماية البريطانية) قبل عام 1925 أو قبل استقلال دولة الإمارات في عام 1971.
ولكن الإيرانيين الذين توافدوا على الإمارات من المدن الإيرانية الكبرى إبان فورة النفط التي شهدتها دبي لم يتمكنوا من الاستفادة من شروط منح الجنسية التي توقفت بشكل نهائي تقريبا. وعمّق ذلك شقة الخلافات بين الوافدين الإيرانيين - الذين يبلغ تعدادهم اليوم نحو نصف مليون نسمة - من جهة، والمواطنين الإماراتيين من ذوي الأصول الإيرانية من جهة أخرى.
Commenti
Posta un commento